تختلف شخصيات وأطباع وأهداف الأشخاص الذين يراودون المواقع والمنتدايات في الانترنت. فالانترنت مجتمع من لا مجتمع له من منظوري على الأقل، ولا أقصد هنا الزوار الذين يقضون الساعة أو ألساعتين، بل أقصد من نجدهم يتواجدون بلا مبالغة لفترات تصل الأربع والعشرين ساعة المتواصلة. شخصيات رواد المنتديات والمواقع الأخرى تتابين فهناك المثقف الباحث عن المعلومة المفيدة، وهناك المتفرغ الباحث عن الترفيه، والمتنكر صاحب الوجهين والثلاثة والأربعة وهلم جرا.
تسعون بالمائة - ان لم يكن العدد أكبر – من المتواجدين في هذه المنتديات يتقمصون شخصيات غير شخصياتهم. هؤلاء في رأي الشخصي اما انهم يعانون من عقدة نقص تجاه أنفسهم، أو أنهم غير راضون عن واقعهم الذي يعايشونه، أو أن لهم مارب واهداف و خطط واخرى. هذه الأهداف بدورها تتسع لتشمل غرس فكر واتجاه معين – واغلبها تكون مبطنة – ، دعم تيار (سياسي، قبلي، ديني، ..الخ)، وتتدرج لتصل إلى غايات شخصية.
هنا أود الحديث عن أولئك الذين تقودهم غاياتهم وأهوائهم الشخصية. هذه الشريحة حسب مشاهداتي وملاحظاتي هي الأكبر في دولنا العربية وان وجدت البقية . فكم من شخص في منتدانا هذا وفي بقية المنتديات من يدعي امرا، وظاهره الصلاح، ومواضيعه لا تخرج عن نطاق "حسبي الله" و "العياذ بالله" و"ألا يخاف الله"، وباطنه دنس يبيت ما لا يظهر ويتوار خلف ستار مخافة الله وهو أبعد ما يكون عنها.
كم منهم من أدعى بأنه من جنس ليس بجنسه، كم منهم من نسج الحكايات، والخرافات حول واقعه، كم منهم من غلف حياته بالتعاسة والبؤس والشقاء. فترا هذا تسيء له عائلته نفسياَ، وجسديأَ، وترا تلك تقيد عائلتها كل حرياتها، وهذا حولت زوجته حياته الى فيلم تراجيدي وتلك أذاقها زوجها ألوان العذاب. لما نطوق أنفسنا بسلسلة الأكاذيب هذه أمن أجل ان نوقع بالأخر في شباكنا، أمن أجل لحظات بل لحيظات محرمة، وكأننا أغمض أعيننا عن الأية التي لا تفتأ أن تظهر أمامنا قبل كل مشاركة "مَا يَلفِظُ مِن قولٍ اِلا لَديهِ رَقِيبٌ عَتِيدَ" وتناسينا أن الشرف دين، وللبيوت حرمات. وأن جادل البعض بأن هذا واقع الحال فلا أزيد عن قول أن الشكوى لغير لله مذلة، و تلك اللحيظات هي سراب ووهم غير دائمين عواقبها وخيمة هنا أو في يوم لا ينفع الناس غير كتائبهم.
أخي و أختي كم من دماء نسفت، وكم من سمعة اهدرت، وكم من بيوت هدمت والسبب هذه الشاشة والأزرار. كم من أم هجع مضجعها ع حال ابنتها، وكم من أب نكس رأسه لما وصل إليه ابنه، كم من أخ اضاع مستقبله ليحمي شرفه، وكم من أخت ذرفت دوموع الحسرة ع أخوتها. أفيقوا يامن تتوارون خلف هذه الشاشات قبل أن تصلكم دعوات الأهالي المكلومه، أفيقوا قبل أن تصابون في أحب ذويكم، أفيقوا قبل أن تغمضوا جفونكم، وتلاقوا بارئكم.
أكتب لكم وأنا أرى واقع من حولي فهنا أخ و أخت وهنا زوج و زوجة وهنا زميل و زميلة كلهم انجروا لذاك المستنقع وخلف كل أولئك أسر وكأن الذي كان ينقصها هذه القشة حتى تهوي بما حملت.
الثلاثاء يونيو 30, 2009 7:20 pm